جهنم
هاشم محمدعلي المشهداني
ملخص الخطبة
1- أسماء جهنم. 2- لماذا خلق الله النار. 3- صفة جهنم. 4- من هم أهل النار. 5- إيمان المسلم بالنار.
الخطبة الأولى
لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم
مأواهم جهنم وبئس المهاد [آل عمران:197]. متعب
للنفس المسلمة أن ترى الباطل في صولة وسلطان. وأن
ترى الحق في ذل وهوان ولكن ذلك يزول عندما تعلم
وتوقن أن الدنيا متاع، ولابد للمتاع أن ينفد،
وجهنم هي المآل والمصير للباطل وأهله.
فما جهنم؟ ولماذا؟ وما صفتها؟ ومن هم أهلها؟
وكيف النجاة منها؟
أما جهنم: فكما أنه سبحانه جعل مستقر رحمته
لأوليائه الجنة فقد جعل مستقر عذابه لأعدائه جهنم.
وينبغي أن تعلم:
1
- أن لجهنم أسماء تدل على شدتها وأهوالها، ومن
أسمائها :
أ/ الهاوية: فأما من خفت موازينه فأمه هاوية
[القارعة:8-9]. قال ابن زيد: (الهاوية النار هي
أمه ومأواه التي يرجع إليها)( [1]).
ب/ الحطمة: كلا لينبذن في الحطمة [الهمزة:4]. قال
ابن كثير: (لأنها تحطم من فيها)( [2]).
ج/ لظى: كلا إنها لظى نزاعة للشوى [المعارج:15-16
]. فهي تتلظى وتلتهب وتحرق جلدة الرأس وهي الشوى
وقيل الجلود والهام وقال الضحاك: (تبري اللحم
والجلد عن العظم حتى لا تترك منه شيئا)( [3]).
2
- الداخل إليها لا يموت فيستريح ولا يحيي حياة
طيبة: ثم لا يموت فيها ولا يحي [الأعلى:13]. لا
يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها
[فاطر:36]. وعند ذاك يكون الموت أمنية الداخلين،
الموت الذي كان أبغض شيء لهم في الحياة يصير أمنية
يتمنونها: ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال
إنكم ماكثون [الزخرف:77]. قال ابن عباس: مكث
ألف سنة ثم قال: إنكم ماكثون ( [4]).
وأما لماذا جنهم؟:
1
- فلا بد من وجود جنهم حتى لا يمضي الظالم من غير
عقاب، فإذا ما اختلت موازين العدالة في الأرض فإن
موازين السماء ثابتة لا تعبث بها الأهواء والمصالح
والأموال والوساطات: ونضع الموازين القسط ليوم
القيامة فلا تظلم نفس شيئا [الأنبياء:47].
وللحديث: ((يأتي المقتول متعلقا رأسه بإحدى يديه
متلببا قاتله باليد الأخرى تشخب أوداجه دما حتى
يأتي به العرش، فيقول المقتول لرب العالمين: يا رب
سل هذا فيم قتلني؟ فيقول الله عز وجل: فيم قتلته؟
قال: قتلته لتكون العزة لفلان. فيقول الله عز وجل
للقاتل: تعست))( [5]).
حتى يتشفى قلب المؤمن من الطغاة والظلمة الذين
سفكوا وقتلوا ونهبوا وحرفوا الأمة عن ربها، ومثلوا
دور الأمناء وهم الخونة، والصادقين وهم الكذبة
والعلية وهم السفلة. ويوم القيامة هو يوم العدل
والقصاص، سخرية تقابلها سخرية: إن الذين
أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون [المطففين:29
]. ويوم القيامة: فاليوم الذين آمنوا من
الكفار يضحكون [المطففين :34]. وعذاب يقابله
عذاب: إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم
يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق [البروج:10
]. وشتان بين عذاب العباد وعذاب رب العباد
للعباد.
2
- لأن بواعث النفس للعمل ثلاثة فأما أن يكون
الباعث هو معرفة الله سبحانه بأسمائه وصفاته وهذا
هو حال رسول الله : ((فقد كان يقوم حتى تورمت
قدماه، فقيل له: قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك
وما تأخر. قال: أفلا أكون عبدا مشكورا))( [6]).
وأما أن يكون الباعث الرغبة في الجزاء والمثوبة
والجنة: إن للمتقين مفازا حدائق وأعنابا
وكواعب أترابا وكأسا دهاقا [النبأ:31-34].
وأما أن يكون الباعث للعمل الصالح هو الخوف من
عذاب الله وعقابه وناره: إنا كنا قبل في أهلنا
مشفقين فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم
[الطور :26-27].