الإصلاح بين الناس
محمد صالح المنجد
قال تعالي يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنْفَالِ قُلِ الأنْفَالُ لِلَّهِ
وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا
اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ .
فقوله تعالى: فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم أي
واتقوا الله في أموركم وأصلحوا فيما بينكم ولا
تظالموا ولا تخاصموا ولا تشاجروا، فما آتاكم الله من
الهدى والعلم خير مما تختصمون بسببه وأطيعوا الله
ورسوله أي في قسمه بينكم على ما أراده الله فإنه
إنما يقسمه كما أمره الله من العدل والإنصاف وقال
ابن عباس هذا تحريض من الله ورسوله أن يتقوا
ويصلحوا ذات بينهم وكذا قال مجاهد وقال السدي
فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم أي لا تستبوا.
ولنذكر ههنا حديثا أورده الحافظ أبو يعلى أحمد
بن علي بن المثنى الموصلي رحمه الله في مسنده فإنه
قال: حدثنا مجاهد بن موسى حدثنا عبدالله بن بكير
حدثنا عباد بن شيبة الحبطي عن سعيد بن أنس عن
أنس رضي الله عنه "قال: بينا رسول الله صلى الله عليه
وسلم جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه فقال
عمر: ما أضحكك يا رسول الله بأبي أنت وأمي؟ فقال:
((رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة تبارك
وتعالى فقال أحدهما: يا رب خذ لي مظلمتي من أخي.
قال الله تعالى:أعط أخاك مظلمته قال: يا رب لم يبق
من حسناتي شيء قال: رب فليحمل عني أوزاري قال:
ففاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء ثم
قال: إن ذلك ليوم عظيم يوم يحتاج الناس إلى من
يتحمل عنهم من أوزارهم فقال الله تعالى للطالب:
ارفع بصرك وانظر في الجنان فرفع رأسه فقال: يا رب
أرى مدائن من فضة وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ.
لأي نبي هذا؟ لأي صديق هذا؟ لأي شهيد هذا؟ قال: هذا
لمن أعطى ثمنه قال: يا رب ومن يملك ثمنه؟ قال: أنت
تملكه قال: ماذا يا رب؟ قال: تعفو عن أخيك قال:
يا رب فإنى قد عفوت عنه قال الله تعالى: خذ بيد
أخيك فادخلا الجنة". ثم قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم "فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم فإن الله تعالى
يصلح بين المؤمنين يوم القيامة)).
قال تعالى: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ
بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ
ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا .
فقوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم يعني كلام
الناس إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين
الناس أي إلا نجوى من قال ذلك كما جاء في الحديث
الذي رواه ابن مردويه حدثنا محمد بن عبد الله بن
إبراهيم حدثنا محمد بن سليمان بن الحارث حدثنا
محمد بن زيد بن حنيش قال: دخلنا على سفيان
الثوري نعوده فدخل علينا سعيد بن حسان فقال له
الثوري الحديث الذي كنت حدثتنيه عن أم صالح ردده
علي فقال: حدثتني أم صالح عن صفية بنت شيبة عن أم
حبيبة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((كلام ابن آدم كله عليه لا له إلا ذكر الله عز وجل
أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر)) فقال سفيان: أو
ما سمعت الله في كتابه يقول: لا خير في كثير من نجواهم
إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس
فهو هذا بعينه أو ما سمعت الله يقول: يوم يقوم
الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له
الرحمن وقال صوابا فهو هذا بعينه أو ما سمعت الله
يقول في كتابه: والعصر إن الإنسان لفي خسر الخ
فهو هذا بعينه.
عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: ((ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة
والصدقة؟ قالوا بلى يا رسول الله قال: إصلاح ذات
البين قال: وفساد ذات البين هى الحالقة)) ورواه
أبو داود والترمذي من حديث أبي معاوية وقال
الترمذي حسن صحيح.
ولهذا قال: ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله أي
مخلصا إلى ذلك محتسبا ثواب ذلك عندالله عز وجل:
فسوف نؤتيه أجراً عظيماً أي ثوابا جزيلا كثيرا
واسعا.
قال تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ
تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا
عَلَى الْمُتَّقِينَ فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ
عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ فَمَنْ خَافَ
مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فلا إِثْمَ عَلَيْهِ
إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ .
قوله تعالى: فمن خاف من موص جنفاً أو إثماً قال
ابن عباس وأبو العالية ومجاهد والضحاك والربيع
بن أنس والسدي الجنف الخطأ وهذا يشمل أنواع الخطأ
كلها بأن زادوا وارثا بواسطة أو وسيلة كما إذا
أوصى ببيعة الشيء الفلاني محاباة أو أوصى لابن
ابنته ليزيد أو نحو ذلك من الوسائل إما مخطئا غير
عامد، بل بطبعه وقوة شفقته من غير تبصر أو
متعمداً آثما في ذلك، فللوصي والحالة هذه أن يصلح
القضية ويعدل في الوصية على الوجه الشرعي ويعدل
عن الذي أوصى به الميت إلى ما هو أقرب الأشياء
إليه وأشبه الأمور به جمعا بين مقصود الموصي
والطريق الشرعي، وهذا الإصلاح والتوفيق ليس من
التبديل في شيء ولهذا عطف هذا فبينه على النهي عن
ذلك ليعلم أن هذا ليس من ذلك بسبيل والله أعلم.
قال تعالى: ولا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأيْمَانِكُمْ أَنْ
تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ
عَلِيمٌ .
المعنى: لا تجعلوا أيمانكم بالله تعالى مانعة لكم من
البر وصلة الرحم إذا حلفتم على تركها كقوله
تعالى: ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن
يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله
وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم .
فالاستمرار على اليمين آثم لصاحبها من الخروج منها
بالتكفير كما قال البخاري: حدثنا إسحاق بن
إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن
منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن النبي -
صلى الله عليه وسلم – قال: ((نحن الآخرون السابقون
يوم القيامة)) وقال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم:- ((والله لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثم له
عند الله من أن يعطي كفارته التي افترض الله عليه))
وهكذا رواه مسلم عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق
به. ورواه أحمد عنه به ثم قال البخاري: حدثنا
إسحاق بن منصور حدثنا يحيى بن صالح حدثنا معاوية
هو ابن سلام عن يحيى وهو ابن أبي كثير عن عكرمة عن
أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم:– ((من استلج في أهله بيمين فهو أعظم إثما
ليس تغني الكفارة)). وقال علي بن طلحة عن ابن
عباس في قوله: ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم قال: لا
تجعلن عرضة ليمينك أن لا تصنع الخير ولكن كفر عن
يمينك واصنع الخير.
ويؤيد ما قاله هؤلاء الجمهور ما ثبت في الصحيحين عن
أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله -
صلى الله عليه وسلم:– ((إني والله إن شاء الله لا أحلف
على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير
وتحللتها)) وثبت فيهما أيضا أن رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - قال: لعبدالرحمن بن سمرة: ((يا
عبدالرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها
من غير مسألة أعنت عليها، وإن أعطيتها عن مسألة
وكلت إليها، وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا
منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك)) وروى مسلم
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم –
قال: ((من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها
فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير)).
محمد صالح المنجد
قال تعالي يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنْفَالِ قُلِ الأنْفَالُ لِلَّهِ
وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا
اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ .
فقوله تعالى: فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم أي
واتقوا الله في أموركم وأصلحوا فيما بينكم ولا
تظالموا ولا تخاصموا ولا تشاجروا، فما آتاكم الله من
الهدى والعلم خير مما تختصمون بسببه وأطيعوا الله
ورسوله أي في قسمه بينكم على ما أراده الله فإنه
إنما يقسمه كما أمره الله من العدل والإنصاف وقال
ابن عباس هذا تحريض من الله ورسوله أن يتقوا
ويصلحوا ذات بينهم وكذا قال مجاهد وقال السدي
فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم أي لا تستبوا.
ولنذكر ههنا حديثا أورده الحافظ أبو يعلى أحمد
بن علي بن المثنى الموصلي رحمه الله في مسنده فإنه
قال: حدثنا مجاهد بن موسى حدثنا عبدالله بن بكير
حدثنا عباد بن شيبة الحبطي عن سعيد بن أنس عن
أنس رضي الله عنه "قال: بينا رسول الله صلى الله عليه
وسلم جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه فقال
عمر: ما أضحكك يا رسول الله بأبي أنت وأمي؟ فقال:
((رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة تبارك
وتعالى فقال أحدهما: يا رب خذ لي مظلمتي من أخي.
قال الله تعالى:أعط أخاك مظلمته قال: يا رب لم يبق
من حسناتي شيء قال: رب فليحمل عني أوزاري قال:
ففاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء ثم
قال: إن ذلك ليوم عظيم يوم يحتاج الناس إلى من
يتحمل عنهم من أوزارهم فقال الله تعالى للطالب:
ارفع بصرك وانظر في الجنان فرفع رأسه فقال: يا رب
أرى مدائن من فضة وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ.
لأي نبي هذا؟ لأي صديق هذا؟ لأي شهيد هذا؟ قال: هذا
لمن أعطى ثمنه قال: يا رب ومن يملك ثمنه؟ قال: أنت
تملكه قال: ماذا يا رب؟ قال: تعفو عن أخيك قال:
يا رب فإنى قد عفوت عنه قال الله تعالى: خذ بيد
أخيك فادخلا الجنة". ثم قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم "فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم فإن الله تعالى
يصلح بين المؤمنين يوم القيامة)).
قال تعالى: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ
بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ
ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا .
فقوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم يعني كلام
الناس إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين
الناس أي إلا نجوى من قال ذلك كما جاء في الحديث
الذي رواه ابن مردويه حدثنا محمد بن عبد الله بن
إبراهيم حدثنا محمد بن سليمان بن الحارث حدثنا
محمد بن زيد بن حنيش قال: دخلنا على سفيان
الثوري نعوده فدخل علينا سعيد بن حسان فقال له
الثوري الحديث الذي كنت حدثتنيه عن أم صالح ردده
علي فقال: حدثتني أم صالح عن صفية بنت شيبة عن أم
حبيبة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((كلام ابن آدم كله عليه لا له إلا ذكر الله عز وجل
أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر)) فقال سفيان: أو
ما سمعت الله في كتابه يقول: لا خير في كثير من نجواهم
إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس
فهو هذا بعينه أو ما سمعت الله يقول: يوم يقوم
الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له
الرحمن وقال صوابا فهو هذا بعينه أو ما سمعت الله
يقول في كتابه: والعصر إن الإنسان لفي خسر الخ
فهو هذا بعينه.
عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: ((ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة
والصدقة؟ قالوا بلى يا رسول الله قال: إصلاح ذات
البين قال: وفساد ذات البين هى الحالقة)) ورواه
أبو داود والترمذي من حديث أبي معاوية وقال
الترمذي حسن صحيح.
ولهذا قال: ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله أي
مخلصا إلى ذلك محتسبا ثواب ذلك عندالله عز وجل:
فسوف نؤتيه أجراً عظيماً أي ثوابا جزيلا كثيرا
واسعا.
قال تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ
تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا
عَلَى الْمُتَّقِينَ فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ
عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ فَمَنْ خَافَ
مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فلا إِثْمَ عَلَيْهِ
إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ .
قوله تعالى: فمن خاف من موص جنفاً أو إثماً قال
ابن عباس وأبو العالية ومجاهد والضحاك والربيع
بن أنس والسدي الجنف الخطأ وهذا يشمل أنواع الخطأ
كلها بأن زادوا وارثا بواسطة أو وسيلة كما إذا
أوصى ببيعة الشيء الفلاني محاباة أو أوصى لابن
ابنته ليزيد أو نحو ذلك من الوسائل إما مخطئا غير
عامد، بل بطبعه وقوة شفقته من غير تبصر أو
متعمداً آثما في ذلك، فللوصي والحالة هذه أن يصلح
القضية ويعدل في الوصية على الوجه الشرعي ويعدل
عن الذي أوصى به الميت إلى ما هو أقرب الأشياء
إليه وأشبه الأمور به جمعا بين مقصود الموصي
والطريق الشرعي، وهذا الإصلاح والتوفيق ليس من
التبديل في شيء ولهذا عطف هذا فبينه على النهي عن
ذلك ليعلم أن هذا ليس من ذلك بسبيل والله أعلم.
قال تعالى: ولا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأيْمَانِكُمْ أَنْ
تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ
عَلِيمٌ .
المعنى: لا تجعلوا أيمانكم بالله تعالى مانعة لكم من
البر وصلة الرحم إذا حلفتم على تركها كقوله
تعالى: ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن
يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله
وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم .
فالاستمرار على اليمين آثم لصاحبها من الخروج منها
بالتكفير كما قال البخاري: حدثنا إسحاق بن
إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن
منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن النبي -
صلى الله عليه وسلم – قال: ((نحن الآخرون السابقون
يوم القيامة)) وقال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم:- ((والله لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثم له
عند الله من أن يعطي كفارته التي افترض الله عليه))
وهكذا رواه مسلم عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق
به. ورواه أحمد عنه به ثم قال البخاري: حدثنا
إسحاق بن منصور حدثنا يحيى بن صالح حدثنا معاوية
هو ابن سلام عن يحيى وهو ابن أبي كثير عن عكرمة عن
أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم:– ((من استلج في أهله بيمين فهو أعظم إثما
ليس تغني الكفارة)). وقال علي بن طلحة عن ابن
عباس في قوله: ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم قال: لا
تجعلن عرضة ليمينك أن لا تصنع الخير ولكن كفر عن
يمينك واصنع الخير.
ويؤيد ما قاله هؤلاء الجمهور ما ثبت في الصحيحين عن
أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله -
صلى الله عليه وسلم:– ((إني والله إن شاء الله لا أحلف
على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير
وتحللتها)) وثبت فيهما أيضا أن رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - قال: لعبدالرحمن بن سمرة: ((يا
عبدالرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها
من غير مسألة أعنت عليها، وإن أعطيتها عن مسألة
وكلت إليها، وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا
منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك)) وروى مسلم
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم –
قال: ((من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها
فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير)).